كانت البداية افتتاح السنة الدراسية 1970~1971حين زارت مريم كعادتها كل سنة اعدادية البنات للتفقد والإطلاع فتساءلت عن نسبة من تابعن الدراسة و من تخلفن من الناجحات في مسابقة الاعدادية فقالت لها مريم بنت سيد المختار رحمها الله وكانت مراقبة آنذاك إن من بين الغائبات ابنة من أسرتها لترجع إلي المختار رحمه الله قائلة إذاكنت تريد تعليم بنات الوطن فابدأ بأهلك فيرسل في طلبي لمتابعة الدراسة فتستبعد أمي وجدتي رحمهن الله الإستجابة قائلتان بلسان واحد كيف يمكننا إيكال تربية تيشيرت لاتفقه شيئا لنصرانية، ،و كان لجدي ووالدي رحمهم الله رأي مغاير،وحاولوا اقناعهن فقبلن على مضض فذهبت إلى انواكشط لأجدني فى المنزل الرئاسي الذي لم يكن آنذاك سوى فيلا بلا طوابق تقع وراء القصر الذي كان مخصصا لإستقبال وإقامة كبار ضيوف الدولة.
اسبشرت مريم بقدومي وزاد فرحها عندما قال لها والدي رحمه الله إنه لم يأت بي إلى المختار لما لديه من الأشغال وعليه من الحقوق وإنما أتى بى إليها.
فأسمعها توقظني برفق في الصباح قائلة قومي لصلاتك واقرإي مصحفك لقد تعهدت لوالدك بتذكيرك (ولم تكن بعد مسلمة).
كنت أتابع عن كثب أنشطتها المختلفة والتي لم تشغلها يوما عن دورها الأسري فكانت تهتم بترقيةالمرأة وتكوينها وبصحتها و صحة طفلها فأجدها هنا تفتتح مركزا للأمومة والطفولة وهناك مصنعا للنسيج وتقترح زخرفة سجاده التى استوحتها من زيارة لولاته و الذي أصبح ينتج سجادا فاخرا لقي رواجا كبيرا في المعارض الدولية
أما في العمل الإنساني فكانت أول رئيسة للهلال الأحمرالموريتاني ولا شك أن فيكم من يتذكر دوره المحوري في بلد أنهكه الجفاف،والأهم عندها من ذالك كله كان ترسيخ روح المواطنة لدى الشباب فكانت تدير دورات تكوينية وبرامج إذاعية .
وعندما بدأت أفلام يخشى من إفسادها للشباب تدخل البلد كانت وراء إنشاء لجنة لرقابتها وتنقيتها مما أثارعليها حفيظة ملاك دور السينما و ذلك ما لم تكترث له فهدفها كان المساهمة فى تكوين جيل يدخل الحداثة متمسكا بقيمه.
بقيت مريم تخدم هذا البلد إلى آخر لحظة حيث وجدها الإنقلاب تحضر مؤتمرا في دكار مع ممثلات من باكورة أطر البلد النسوية والاتي كن فخرها.
كنت هناك للدراسة فالتحقت بها فى نزلها لأواسيها وأشد من أزرها فإذا بها تواسيني قائلة لم أكن لأتوقع للمختار هذا المصير لما أعرف فيه من حب عميق لهذا البلد وتفان في خدمته ولكنني أحمد الله أنني مسلمة و مؤمنة بالقضاء والقدر،فوالله لا نمتلك ثروة نخشى عليها ولا نفوذ نفتقده وإنما هو مشروع دولة لم يكتمل بعد فياللخسارة ياللخسارة! وتضيف قائلة لم أكن وأنا المترعرعة في الديمقراطية لأرتاح يوما لنظام الحزب الواحد وناقشت المختار ذلك فكان يقول إن حزب الشعب انصهار طوعي لعدة أحزاب لضرورة آنية فالبلد حديث الولادة، قريب عهد بالتشرذم ومهدد من الخارج فلا مساومة في وحدته وتلاحم شعبه.
وقبيل الحرب التي لم نبدأها وخضناها مكرهين دفاعا عن أنفسنا وحوزة ترابنا كان يقول إن البلد بدأ يدخل سن الرشد وإنه سيسعى في إدخال النظام التعددي وتنظيم انتخابات لن يشارك فيها لترك دماء جديدة أكثر نشاط و حيوية كما كان يقول تتابع مسيرة البناء فياللخسارة ياللخسارة!
تلك هي مريم فلا الفرنسيون وجدوا فيها البنت البرة التى تخدم مصالحهم وتقف دون خروج البلد التدريجي من دائرتهم بالقرارات التي أتخذت فى ذلك العهد من ترسيم للغة العربية، و مراجعة لإتفاقيات التعاون معهم،و انشاء العملة الوطنية وتأميم شركات المناجم. ولا المورريتانيون اعترفوا بمساهمتها في بناء بلدهم فلم يروا فيها إلا أجنبية تتدخل في شؤونهم ولسان حالهاكان يقول لهم لا تثريب عليكم واختارت العيش بين ظهرانيهم في هذا البلد الذى احبت وأحبت ساكنيه.
د. ميمونة بنت المختار