شرفني مساء أمس أستاذي العزيز الدكتور سيدي محمد ولد سيدابّ بالاطلاع على تعليقه حول قرار المجلس الدستوري الأخير القاضي بعدم دستورية المقتضيات التي تضمنها تعديل القانون النظامي المتعلق بالنواب الممثلين الموريتانيين بالخارج والتي تشترط إقامة المترشح في الدائرة التي سيترشح منها.
إضافة إلى ما أشار إليه الأستاذ في فقرات من التعليق على مسألة استغرابه لعدم التمسك الحرفي للمجلس بمقتضيات المادة 67 من الدستور المتعلقة بشروط إضفاء صفة "القوانين النظامية".
ورغم وجودي في مكان تغطية الإنترنيت فيه ضعيفة، فإن وجاهة الأفكار التي قدمها أستاذنا وما أثارت من جدل بين المهتمين والباحثين في المجال وما تلقيته من طلبات بعضهم للإدلاء بوجهة نظر حول الموضوعين محل تعليق الأستاذ سيدابّ، فقد استدعى مني ذلك التعليق على الموضوعة بعجالة:
أولا: بغض النظر عن مكانة المجلس وحجية قراراته وعدم قابليتها للطعن، فإن ذلك -من وجهة نظري- لايجعلها بمنأى عن التمحيص والتدارس من طرف المهتمين والباحثين واحتمالية خطأ تأسيسيها ؛ لذلك أوافق أستاذنا سيدابّ فيما ذهب إليه من أنه لايتنافى اشتراط إقامة المترشح في الدائرة الخارجية التي يترشح منها مع مقتضيات المادة 47 من الدستور لتي لم تحدد شروط لانتخاب بصفة حصرية ، بل إن المشرع الدستوري أحال في المادة 48 إلى قانوني نظامي لتحديد شروط انتخاب النواب في الجمعية الوطنية. وكثيرا مانجد المشرع البرلماني يتوسع في هذه الشروط وفقا لما يضفي على العملية الانتخابية نوعا من الجدية ووجاهة التمثيل، فلا يبدو اشتراط الإقامة بالنسبة للمترشح من الوجاهة وصمه بعدم الدستورية، والمنطق الذي يتغيا الهدف أصلا من تمثيل الجاليات في البرلمان يعضد وجاهة اشتراط الإقامة.
ثانيا: بخصوص مسألة التوسع في مجال القوانين النظامية:
بالمختصر أرى ان القول بتوجه المجلس الدستوري إلى اعتبار أي قانون خصه الدستور بالذكر وحدد موضوعه يدخل ضمن نطاق القوانين النظامية فيه توسع "مفرط" إذ سيترتب عنه اعتبار كل الموضوعات التي لم تتضمنها المادة 57 تدجل في مجال القوانين النظامية، وهذا توسع في المجال يجعل مقتضيات المادة 67 عبثية مادامت لاترتب تحديدا حصريا لمجال القوانين النظامية بإضفاء تلك الصفة عليها نصا، وبالمحصلة تصبح القوانين التي أضفى عليها النص الدستوري صفة "النظامية" حشو فارغ المعنى مادمنا نعتبر انها لاتقيد التخصيص .
والله أعلم